اشْتَقتُكِ

في كُلِّ مَرَةٍ كُنتُ أنتَظِرُ حُلولَ مُنتَصَفِ اللّيلِ لكي أكتُبَ لكِ رِسالةً سأندَمُ عليها صَباحَ اليَومِ التّالي، ولكِننَي الآنَ وفي صَباحِ هذا اليَومْ.. وأنا في كَامِلِ قِوايَّ العَقليَّةْ..

أكتُبُ لكِ هَذهِ الرِسَالَةْ.

لم يُحَدِّثني أحَدٌ يَومَاً عَنِ التَّجاوزْ

تَجاوزِ مَنْ هُم غائِبونَ عَنْ واقِعِنا

وحاضِرونَ في أحلامِنا

لم يٌعلِّمْني أحَدٌ، كيفَ أتصَالَحُ معَ العَالَمِ، وأعفو عَنِ الراحِلينْ.

وكَيفَ أعتَنِقُ وَدَاعاً عارِيّاً مِنَ العاطِفَةِ والمَشاعِرْ

كفُراقِ الأُمْ.

أستَجوِبُها في مُخَيلَتي، كَيفَ لَكِ هذا؟

تزدادِينَ ألَقَاً رُغمَ المَسَافاتْ

تَأتِيني في مَنامِي.. مُبتَسِمَةً وكَأنَكِ تُنِيرينَ في رُوحي مَكَاناً مُظلِمَاً

أستَيقِظُ وقَلبي يَتَخَبَطْ.. يَفِيضُ أَلَمَاً

أُحَاوِلُ أنْ أستَرجِعَ بذاكِرَتي ما تَبقّى مِنْ مَلامِحِ وَجهِكْ..

تَفاصِيلُكِ التي تُمَثِلُ احتِلالي

جَمِيلَةٌ أنتي يا أُمي رُغمَ خَرابِكْ..

أنتِ وَحَدكِ

وأنا أمامَ عَينَيكِ وَحدي

ولَكِنَّهُ لا يَزالُ يُثِيرُ اهتِمامي.. غِيابُكِ

كيفَ لَكِ البُعدْ؟ كَيفَ لِصَوتٍ أن يَرجُفَ حِينَ يَسمَعُ صَوتَ أُمِهِ

أتخَيَّلُ يَومَاً أمُرُ فِيهِ مِن أمامِكِ.. سأتَعَثرُ مِن فَرطِ الارتِباكْ

أُشَتِتُ ذِهني لِكَي لا أتذَكَرَكِ

ولكِنَني أُخبِرُكِ الآنَ بأنني لَم أستَطِعْ نِسيانَكِ

أبدو مُتَزِنَةً ولكِنني مُتَزَعزِعَةْ

في رَحِيلِكِ يا أُمي، شَهَقتُ شَهَقاتٍ قُلتُ لعلَّ إحدَاها تَكونُ شَهقَةَ رُجُوعِكِ

لو أنَكِ تَرجِعينَ وتُعانِقِيني عِنَاقَاً أبَديَّاَ، يُنسِيني غَضَبي..

أنا لا أتَألمُ على ما حَدَثْ

أنا أتَألَمْ خسَارَاتِي لِنَفسي

أتعلَمينْ.. انتَظَرتُكِ كَثِيراً، راقَبتُ اتِصَالاتِكِ وارتَعشَتْ يَدايَ لأُكَلِمَكِ

انتَظَرتُ أن تُجِيبي على تساؤُلاتِي الكثيرة ولو كانَ بالنَفيْ..

لا زِلتُ أَبكي سَهواً حِينَ أقَعُ في فَخِ أُغنِيَّتَكِ المُفَضَلةْ

‏"I was thinking about you, thinking about me, thinking about us, where are we going to be, open my eyes, it was only just a dream”

وهَكَذا هُوَ حالُنا.. اعتَصِرُ ألَمَاً كُلَّ لَيلَةٍ وأنا أُقَلِبُ صُوَرَكِ.. غَرَستُ وَجهي في الوِسَادَةِ وتَخَيَلتُكِ تُداعِبينَ شَعري وتُقَلبِينَ وجْنَتيْ

انكَسَرتُ كما لَم أنكَسرْ مِن قَبل.. لِذا لو سَألتِني إنْ نَسيتْ، سأُخبِركِ بأنني لم أَنسى، هُناكَ ما هوَ أقوى مِنَ النِسيانْ ولكِنَني لا أدري ما هُوَ.. فَقَطْ أشعُرُ بِهْ